عمالقة صناعة أشباه الموصلات الالكترونية
تعليقات
مشاركة
مشاركة: عمالقة صناعة أشباه الموصلات الالكترونية
0 دقيقة للقراءة
تغيير حجم الخط
تغيير حجم الخط
صناعة أشباه الموصلات الالكترونية
أشباه الموصلات هي مواد تستخدم في صناعة الدارات المتكاملة والأجهزة الإلكترونية، وتتميز بخصائص كهربائية تتغير باختلاف درجة الحرارة أو التيار أو الجهد. أشهر مادة شبه موصلة هي السيليكون، ولكن هناك أيضا مواد أخرى مثل الجرمانيوم والغاليوم والزرنيخ والانديوم وغيرها.
صناعة أشباه الموصلات هي صناعة حيوية ومتطورة، تلعب دورا رئيسيا في تقدم التكنولوجيا والابتكار في مجالات مختلفة مثل الاتصالات والحوسبة والطب والطاقة والدفاع. هذه الصناعة تتطلب استثمارات كبيرة في البحث والتطوير والمعدات والموارد البشرية، وتواجه تحديات مستمرة في زيادة كفاءة وسرعة وحجم وتنوع منتجاتها.
للدول المنتجة، حيث انخفضت حصة الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة وأوروبا واليابان، وارتفعت حصة الدول الآسيوية مثل كوريا الجنوبية وتايوان والصين. هذه التغيرات تعكس عوامل مختلفة مثل التكلفة والطلب والسياسة والإستراتيجية.
ففي هذه المقالة، سنحاول تسليط الضوء على بعض الدول التي تقوم بتصنيع أشباه الموصلات، ومنهجيتها وإنجازاتها وتحدياتها في هذا المجال.
- الولايات المتحدة:
تعد الولايات المتحدة من رواد صناعة أشباه الموصلات، حيث بدأت في خمسينات القرن الماضي بإنشاء أولى شركات هذه الصناعة مثل شركة فيرشيلد لأشباه الموصلات ، التي انبثق منها لاحقا عديد من رواد هذه الصناعة مثل إنتل وأ إم دى وإن إف سى. وتعاني الولايات المتحدة من تراجع في صناعة أشباه الموصلات، حيث انخفضت حصتها في الإنتاج العالمي من 37% في عام 1990 إلى 12% في عام 2020⁴. وتواجه الولايات المتحدة منافسة شديدة من الصين، التي تستثمر بشكل كبير في تطوير قدراتها في هذا المجال، وتهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي بنسبة 70% بحلول عام 2025 . لمواجهة هذا التحدي، أطلق الرئيس جو بايدن مبادرة لتعزيز صناعة أشباه الموصلات في الولايات المتحدة، ووقع على قانون يخصص 52 مليار دولار لدعم الإنتاج المحلي والبحث والتطوير في هذا المجال. ويهدف هذا القانون إلى تقليل الاعتماد على الواردات من آسيا، وزيادة التنافسية والأمن القومي للولايات المتحدة. كما يسعى القانون إلى جذب استثمارات خاصة من شركات مثل مايكرون وإنتل وغيرها من شركات أشباه الموصلات الأميركية، وكذلك من شركات أجنبية مثل TSMC وسامسونغ، التي تخطط لبناء مصانع جديدة في الولايات المتحدة.
- كوريا الجنوبية:
تعد كوريا الجنوبية من أقوى الدول في صناعة أشباه الموصلات، حيث تحتل المركز الأول عالميا في إنتاج رقائق الذاكرة والمعالجات المركزية. تضم كوريا الجنوبية شركات عملاقة مثل سامسونج و إس كي هاينكس وإل جي، التي تستثمر بشكل كبير في البحث والتطوير والتوسع في هذا المجال. مؤخرا، أعلنت الحكومة الكورية عن خطة لتنمية صناعة أشباه الموصلات، تتضمن دعما للاستثمارات في هذا المجال وتنمية الكوادر البشرية المطلوبة، بحسب ما أوردت شبكة «كيه بي إس وورلد» الإذاعية الكورية الجنوبية. وقالت الحكومة إنه سيتم ضخ 510 تريليونات وون كوري جنوبي (452 مليار دولار) في صناعة الرقائق بحلول عام 2030، على أن يأتي الجزء الأكبر من ذلك من الشركات الخاصة في البلاد. وأضافت أنها ستدعم الصناعة عبر تقديم إعفاءات ضريبية، وتمويلات نقدية، وبنية تحتية متطورة. وأكد رئيس كوريا الجنوبية مون جيه إن أنه في خضم التحول الكبير للاقتصاد العالمي، أصبحت أشباه الموصلات نوعاً من البنية التحتية الرئيسية في جميع المجالات الصناعية، وقال: «مع الحفاظ بقوة على مكانة صناعة أشباه الموصلات لدينا كأفضل صناعة في العالم، سنحمي مصالحنا الوطنية من خلال استخدام طفرة الرقائق الحالية كفرصة لتحقيق قفزة جديدة إلى الأمام».
- تايوان:
تعد تايوان من أهم المراكز العالمية لصناعة أشباه الموصلات، حيث تضم شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات المحدودة (TSMC)، أكبر شركة في العالم في مجال تصنيع الرقائق حسب الطلب. تنتج TSMC رقائق عالية الأداء والجودة لشركات مثل آبل، إنفيديا، كوالكوم، إنتل وغيرها من العملاء الرئيسيين في مجالات الهواتف الذكية، الذكاء الاصطناعي، الحوسبة السحابية والسيارات. تمتلك TSMC أحدث التقنيات في صناعة الرقائق، حيث تستطيع إنتاج رقائق بحجم 5 نانومتر وتخطط لإطلاق رقائق بحجم 3 نانومتر في عام 2022 . تواجه TSMC منافسة من شركة سامسونغ الكورية التي تسعى لزيادة حصتها في سوق تصنيع الرقائق حسب الطلب، وكذلك من شركات صينية مثل SMIC وهواوي التي تحاول تطوير قدراتها في هذا المجال. كما تواجه TSMC تحديات سياسية وأمنية بسبب التوترات بين تايوان والصين، التي تدعي سيادتها على الجزيرة . لذلك، تسعى TSMC لتنويع مصادر إنتاجها وتوريدها من خلال بناء مصانع جديدة في دول أخرى مثل الولايات المتحدة واليابان.
- الصين:
تسعى الصين إلى تطوير صناعة أشباه الموصلات المحلية، وتقليل اعتمادها على الواردات الأجنبية من الرقائق الإلكترونية. وتعد الصين أكبر سوق لأشباه الموصلات في العالم من حيث الاستهلاك، حيث مثلت 53.7% من مبيعات الرقائق العالمية عام 2020 . ومع ذلك، يتم استيراد نسبة كبيرة من الموردين متعددي الجنسيات، خاصة في مجال التكنولوجيا المتقدمة. ولمواجهة هذا التحدي، أطلقت الحكومة الصينية عدة مبادرات لسد الفجوة، بما في ذلك استثمار 150 مليار دولار في صناعة الدوائر المتكاملة محلياً من خلال صناديق استثمار وطنية ومحلية، لتحقيق هدف \"صنع في الصين 2025\" وهو الإنتاج المحلي بنسبة 70%. وتضم الصين عددًا من الشركات المحلية التي تعمل في مجال تصميم وتصنيع وتجميع واختبار أشباه الموصلات، بالإضافة إلى شركات أجنبية تدير مسابك ومرافق تصميم في الصين. وتتصدر الصين العالم من حيث عدد مسابك للرقائق الجديدة قيد الإنشاء، حيث من المتوقع أن يبدأ بناء 8 من أصل 19 مسبك في جميع أنحاء العالم عام 2021 . وتخوض الصين منافسة شرسة مع الولايات المتحدة في مجال تصنيع أشباه الموصلات، وقد خسرت الولايات المتحدة ريادتها في القطاع لصالح الصين.
- أوروبا:
تسعى أوروبا إلى تعزيز صناعة أشباه الموصلات في القارة، وتحسين قدراتها في الإنتاج والابتكار. وقد خصص الاتحاد الأوروبي 45.9 مليار دولار لصناعة أشباه الموصلات في أوروبا بهدف إنتاج 20 في المائة من أشباه الموصلات في العالم بحلول عام 2030 . ويأمل الاتحاد الأوروبي في جذب استثمارات من شركات عالمية مثل إنتل وسامسونغ، وكذلك دعم شركات أوروبية مثل إنفينيون وإس تي ميكروإلكترونيكس وإن إكس بي. كما يرغب الاتحاد الأوروبي في تطوير تقنيات جديدة لأشباه الموصلات، مثل الرقائق المستندة إلى الغرافين والرقائق المستخدمة في الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية. وتعتبر أوروبا أن صناعة أشباه الموصلات ذات أهمية استراتيجية لأمنها وسيادتها الرقمية، وتحاول تقليل اعتمادها على الإمدادات من آسيا، خصوصا في ظل التوترات بين الولايات المتحدة والصين.
-
-
-
في خاتمة هذا المقال، نكون تناولنا موضوع صناعة أشباه الموصلات الالكترونية، والتي تعد من أهم الصناعات الحديثة والمتطورة في مجال الإلكترونيات والتكنولوجيا. بينا أبرز الشركات والدول الرائدة في هذا المجال، وأهم التحديات والفرص التي تواجهها.
نأمل أن يكون هذا المقال قد أضاف إلى معرفتكم وثقافتكم العلمية، وأن يكون قد أثار اهتمامكم بمتابعة آخر المستجدات في هذا المجال الشيق والحيوي.
"شكراً لقراءتكم ومشاركتكم"
